فريق الأزمات العربي-ACT هو فريق عربي تأسس في مركز دراسات الشرق الأوسط- الأردن عام 2013، وهو متخصص في رصد ومتابعة الأزمات العربية بالبحث والدراسة والتحليل الاستراتيجي وتقديم الرؤى والتوصيات المناسبة للأطراف ذات الصلة للخروج من هذه الأزمات.
يتناول هذا التقرير الذي أعدّه فريق الأزمات العربي ACT- في مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن، أزمة تداعيات الحرب الإسرائيلية- الأمريكية على إيران على العالم العربي، وتكمن أهميّته في تقديم تصوّرٍ لرؤية عربيّة للخروج من هذه الأزمة وما قد يتعرّض له العالم العربي مستقبلاً من أزمات شبيهة، ويهدف إلى التوصل إلى رؤية تشكّل إطاراً سياسيّاً استراتيجيّاً للتفكير والتخطيط العربي، وتعزيز قدرة العالم العربيّ على التصدّي لمختلف التحوّلات في محيطه الاستراتيجيّ الإقليميّ، حيث تشكّل الحرب الإسرائيلية- الأمريكية على إيران نموذجاً لخلق أزمة على العالم العربي من خلال تأثيرها وتداعياتها.
ويناقش التقرير أزمة عجز العالم العربي عن التعامل مع التداعيات الأمنيّة والسياسيّة والاقتصاديّة عليه، نتيجة الهجوم الجوّي الواسع الذي شنته إسرائيل في 13 حزيران/ يونيو 2025 على إيران، والذي أعقبه مشاركة الولايات المتحدة في الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية في 22 حزيران/ يونيو 2025، مقابل قيام إيران بمهاجمة المنشآت العسكرية والمدن الإسرائيلية.
وبيّن التقرير أنّ الأزمة ناشئة عن عجز العالم العربي عن اتخاذ موقف حاسم من الحرب وتعرّض بعض الدول لانتهاك سيادتها أو تعرّض مواطنيها للخطر، وتباين المواقف العربية الرسمية من الأزمة، وتنامي التخوّف العربي من سيطرة طرف من أطراف الحرب على قيادة المنطقة وتحقيق مشاريعها في إعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط، وتنامي تهديد الاستقرار الأمني في المنطقة، وسماح الولايات المتحدة لإسرائيل بفرض قواعد جديدة للصراع في منطقة الشرق الأوسط تقوم على اعتماد القوة، وتزايد التخوّف من اتساع الحرب، والذي قد يقود إلى المشاركة العربية المباشرة أو غير المباشرة فيها.
وفحص الفريق أسباب نشوء هذه الأزمة، والتي تبيّن أن أهمها: الجوار الجغرافي الإيراني والإسرائيلي لدول عربية متعددة، واندلاع المعركة داخل الجغرافيا العربية، وغياب القرار العربي الموحّد، وتشظّي المواقف العربية، واختلال التوازن والاستقرار الإقليمي.
كما استكشف الدوافع التي تقف وراء هذه الأزمة، واكتشف أن منها تنامي الأهداف في توسيع نفوذ وهيمنة إسرائيل في الإقليم، واستهدافها تصفية القضية الفلسطينية، ورغبة الولايات المتحدة الأمريكية بتمكين إسرائيل في المنطقة وتعظيم نفوذها في الشرق الأوسط، وعدم مراعاة الولايات المتحدة لمصالح حلفائها العرب في المنطقة خاصة في الخليج العربي.
ودرس الفريق أبعاد الأزمة السياسية والأمنية والاقتصادية حيث تعمّق في بحث تداعياتها وآثارها على العالم العربي، والتي تبين أن من أهمها: تنامي التفكير بإعادة بناء الحالة السياسية العربية بعيداً على الصراعات والحروب والتدخلات في شؤون الغير، واهتزاز مصداقية القانون والنظام الدولي في العالم العربي، وتنامي التهديدات للعالم العربي بانفجار جبهات عسكرية على الحدود العربية، وتصاعد التهديدات الإسرائيلية للدول العربية، والتأثير على أسعار الطاقة والنفط والمشتقات البتروكيماوية المتصلة عضوياً بقطاعات الطاقة، وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعطيل سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف النقل.
وقد ناقش الفريق أطراف الأزمة الرئيسيين والأطراف الإقليمية والدولية، وحلّل أدوارهم وتأثير سياساتهم ومصالحهم على نشوء الأزمة واستمرارها، كما حلّل مدى قدرة هؤلاء الأطراف على التأثير في الحلول الممكنة لهذه الأزمة أو تفاقمها.
كما قدّر الفريق ثلاثة سيناريوهات محتملة لمآلات الأزمة، هي: 1) تفاقم التداعيات السلبية للحرب والتهديدات التي تستهدف المصالح العربية، 2) استمرار تداعيات سلبية مؤثرة للحرب على المصالح العربية وعلى استقرار المنطقة، 3) احتواء التداعيات السلبية للحرب على العالم العربي، وانخفاض مستوى التهديد لاستقرار المنطقة وللأمن القومي العربي.
ورأى الفريق، بعد التوزين بين العوامل المؤثرة والمحددة لمسار الأزمة للمرحلة القادمة، أنّ السيناريو الثالث "احتواء التداعيات السلبية للحرب على العالم العربي، وانخفاض مستوى التهديد لاستقرار المنطقة وللأمن القومي العربي"، هو السيناريو الأكثر احتمالاً في ضوء هذه المعطيات القائمة.
وكشف التقرير أنّ الإدارة الأمريكية تضغط وتحرّك الأطراف الأوروبية لفتح قنوات تواصل وحوار مع إيران بخصوص ملفها النووي، وتبدو الرغبة متوفّرة لدى الطرفين لمواصلة الحوار، والحيلولة دون وصوله إلى طريق مسدود، وعلى صعيد التوجهات الإيرانية للتعامل مع الأطراف العربية ثمة مؤشرات عمليّة على أنّ إيران اختارت التهدئة ووقف التهديدات، ومعالجة بعض التداعيات السلبية للحرب مع بعض الأطراف العربية.
وبعد هذه الدراسات والتحليلات توصّل الفريق إلى رؤية عربية للخروج من هذه الأزمة تتمثل بــــ "احتواء الأزمة بمختلف مكوّناتها وأبعادها لمنع تفاقمها، وانتقال العالم العربي من موقع المتأثر إلى موقع الفاعل الإقليمي المستقل، وضبط التوازن في العلاقة مع مختلف المحاور، وفتح باب المبادرة الجماعية لمعالجة جذور الأزمة وفق منظومة الأمن الإقليمي العربي الجماعي، ومقاربة استراتيجية عربية متوازنة تتصدى للأخطار التي تهدد المصالح العربية، وتفعّل المشروع الدفاعيّ والأمنيّ العربيّ المشترك لمواجهة التهديدات الوجودية للشعب الفلسطيني وللدول العربية من قبل إسرائيل".
وأوصى الفريق بتبنّي عدد من الاستراتيجيات العربية لتحقيق هذه الرؤية، أهمها: 1) تأكيد التمسك باحترام السيادة وعدم التدخل بشؤون الغير، 2) تعزيز وحدة الصف العربي عبر آلية تنسيقية ضمن إطار الجامعة العربية، 3) توجيه الجهد الدبلوماسي العربي نحو مبادرة إقليمية لإعادة تنظيم العلاقة مع إيران وضبط السلوك الإسرائيلي.
كما اقترح عدداً من الإجراءات المساعِدة، ومنها: تشجيع أيّ مسعى إقليمي ودولي لخفض التصعيد، وإطلاق مؤتمر عربيّ للأمن الإقليمي، والعمل على إعادة التوازن الإقليمي وفقاً لمبدأ احترام السيادة، وتعزيز الجاهزية العربية.
الكلمات المفتاحية: الكلمات المفتاحية: العالم العربي، الأمن القومي العربي، الأزمات العربية، إسرائيل، إيران، الولايات المتحدة، الحرب على إيران، الملف النووي الإيراني.