تستقر الدول والجماعات عندما تتمتع بالقوة والمنعة
اللتين تجعلان البيئة المحيطة بها والمؤثرات الخارجية عاجزة عن اختراقها وتتعامل
معها على أساس هذين المؤشرين- القوة والمنعة.
وقد جاء هذا التقرير متناولاً المناعة الذاتية التلقائية
التي تتحرك بمجرد بروز التهديد، وبالطريقة التي تتناغم فيها كل مكونات الدولة أو
الجماعة في الموقف دونما تهيئة أو تعبئة، مشيراً إلى أن هندسة المناعة السياسية
جزء لا يتجزأ من المناعة المجتمعية بأشكالها كافة، وهي التي تنمو في أحضان البيت
والمدرسة والإعلام وأروقة السياسة المختلفة والتوجيهات الدينية والأخلاقية
القيمية. كما نبه التقرير إلى أن المؤسسات المكلفة بالبناء والتأهيل والتعليم يجب
أن تأخذ بالاعتبار بأن المعركة الفكرية، وأن الجانب الفكري من
أهم الجوانب المستهدفة لإفقاد المناعة السياسية، والذي يتعلق بتشويه وتحريف وتزييف
المبادئ والثوابت الأساسية التي تمثل اللبنات الأولى التي تأسس عليها الجسم
السياسي أو المجتمعي، إضافة إلى تمييع القيم وتوسيع دائرة التجهيل بالتاريخ.
وقد أكد
التقرير على أن هندسة المناعة السياسية تستهدف تكوين المواطن على الرؤية والرسالة
من خلال تثبيت مبادئها وثوابتها ومنطلقاتها، والتعريف بشكل مستمر بالقضية السياسية
التي يناضل من أجلها كفكرة مركزية وتأصيلها تأصيلاً يقف على قاعدة الشرعية
والمشروعية التي تربط المواطن بالمنهج وليس بالمصلحة والأشخاص.
وقد خلُص التقرير إلى أن هندسة المناعة السياسية لم تعد خياراً، سواء على
مستوى الأوطان أو على مستوى الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية التي تستهدف بناء
حالة سياسية واجتماعية وفكرية سليمة من شأنها أن تحقق التطلعات والآمال المنشودة،
وهي أدوار تهتم ببناء جهاز مناعة وطني وسياسي وفكري قوي ومستدام يحفظ الأوطان
ويؤهلها لمواجهة التحديات والمخاطر وتحقيق الاستقرار والتقدم والتأثير في واقعها
الإقليمي والدولي، مما يتطلب تدافعاً ذكياً ومستداماً يقتضي من مهندسي المناعة
السياسية والمجتمعية حضوراً ذهنياً ويقظة استراتيجية.
الكلمات المفتاحية: هندسة المناعة، فكر، استقرار، أحزاب، نخب، المناعة
السياسية، بناء المجتمع، الوعي المجتمعي، المصالح الوطنية، مواجهة التحديات.