شكل الاتفاق الايراني الدولي حول الملف النووي الذي وقع في 14/7/2015 في فيينا نقلة نوعية في العلاقات الايرانية الغربية والدولية حسب تعبيرات الموقعين الستة وايران، وعبر الشركاء في الاتفاق عن تطلعهم لتحولات مهمة في الامن والاستقرار في المنطقة بعد هذا الاتفاق.
غير ان المراقبين وبرغم الاقرار بنوعية هذا الاتفاق وقدرته على تغيير قواعد اللعبة السياسية فيما يتعلق بالنفوذ في المنطقة الا انهم يعتقدون ان ايران وضعت برنامجها النووي تحت الارادة الدولية وبما لا يسمح لها بدخول نادي التسلح النووي مستقبلا وخلال 25 عاما على الاقل.
وبدراسة نصوص الاتفاق وملحقاته يتبين ان التفاصيل الواردة فيه تؤكد الكفاءة التفاوضية للطرفين الدولي والايراني في المحافظة على مكتسباتهم، حيث حقق كل منهم جزءا لا باس به منها وقيد الطرف الآخر في مجالات معينة.
هذا وقد تناول التقرير تحليلا لمضمون الاتفاق وابعاده المختلفة، وفي ضوء المعطيات السياسية القائمة، حيث ناقش التقرير نظرة الطرفين الغربي والإيراني لهذا الاتفاق، إذ يعتقد الغرب انه قد حجّم طموح ايران بضبط مستوى التخصيب عند سقف 3.67% لخمسة عشر عاما، ما يمنعها من امتلاك قنبلة نووية، بينما ضمنت إيران معاملتها كدولة طبيعية من قبل المجتمع الدولي، واعتبرت أن السماح لها بتخصيب اليورانيوم على اراضيها يعد تنازلا غربيا اساسيا.
ومن جانب آخر فقد وضح التقرير أبرز انعكاسات هذا الاتفاق على صعيد الامن الاقليمي، وعلى الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري.
وقد خلص التقرير إلى أنه بالرغم من ما حققه الاتفاق لإيران فقد قيد عمليات التخصيب لليورانيوم لعشر سنوات كاملة ومراقبة دائمة لأكثر من عشرين سنة، وليس على الدول الغربية ان تشعر بخطر كبير ان هي اتخذت استراتيجية الاحتواء والمواجهة للتداعيات في مقابل اعادة بناء منظومة تحالفية عربية تقوم على مصالحات وطنية واقليمية نحو موقف وسياسة موحدة ضد النفوذ والتوسع والهيمنة الايرانية، بما في ذلك دول مجلس التعاون التي لا زالت مواقف بعضها بحاجة الى تقوية في هذا الاتجاه. وفي حال تم التوصل الى موقف متماسك وسياسات واضحة وقوية فان اثار الاتفاق الايراني الدولي على دور العرب ووزنهم الاقليمي والدولي سوف ينخفض الى الحد الادنى.