أصدر السفير الأمريكي لشؤون الحريات الدينية العالمية التقرير الأمريكي الخامس، المتعلق بشؤون الحريات الدينية في العالم في 18/12/2003 ويقدم هذا التقرير بصورة سنوية للكونجرس الأمريكي استجابة لقانون الحرية الدينية في العالم الصادرعام ١٩٩٨ . والسفير الحالي)جون هانفورد) هو المسئول الأمريكي الثاني الذي يتسلم هذا المنصب.
ومن الملاحظات على التقرير هي أن الدولة الأمريكية التي لا يزيد عمرها عن المئتي عام إلا بقليل، تمارس دورًا رقابيًا دوليًا أحادي الجانب على موضوع الدين وحرية التدين في العالم، اضافة إلى التركيز الكبير على الدين الإسلامي، فالمتصفح للتقرير يعتقد أن الإنسان المسلم هو بين حالين، فإما هو ظالم أو مظلوم باستمرار لتلك الروح النمطية في التعامل مع المسلمين، وكأن الإسلام دين لا يصلح للتوافق مع مفاهيم التسامح الديني والقبول بالآخر، وفي تجاهل صارخ للروح السمحة للدين الإسلامي التي انعكست في هذا الوجود المستمر للأقليات غير المسلمة في البلاد الإسلامية، وتحقيقها لمكتسبات كبيرة تفوق نظيرتها على التراب الأمريكي.
وقد تطرق البحث إلى أن أحدث الديانات السماوية يزيد عمرها عن الألف والأربعمائة سنة، وهذا يطرح تساؤلاً كبيرًا على قدرة الولايات المتحدة على فهم واستيعاب المنتوج الحضاري ضارب الجذور في عمق النفس الإنسانية. إن ما يدعم هذا التشكك هو أن الولايات المتحدة لم تنخرط في السياسة الدولية بشكل قوي وواضح إلا بعد الحرب العالمية الثانية، فهل خمسون عامًا كافية لتصل بالولايات المتحدة إلى الفهم الحقيقي لموضوع شائك كهذا؟.
يتعامل التقرير مع موضوع التدين بسطحية، فهو لا يقرر ابتداء الأهداف السامية المرجوة من اتباع الشرائع والأديان، حيث إن الهدف الحقيقي للدين هو تهذيب العلاقة بين الإنسان والخالق المعبود من جهة، وتهذيب العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان من جهة أخرى.
ويصنف التقرير دول العالم إلى خمس مجموعات:
المجموعة الاولى : هي تلك الدول الشمولية التي تسيطر على الدين وتحد من حرية الممارسة الدينية وتشمل، بورما، الصين، كوبا، لاوس، كورية الشمالية، فيتنام.
المجموعة الثانية: هي تلك الدول التي تعادي الأقليات غير المعتمدة وغير المعترف بها. وهنا تظهر الدول الإسلامية والعربية، فتشمل إيران والعراق (خلال عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين)، باكستان، العربية السعودية، السودان، تركمانستان، أوزباكستان.
المجموعة الثالثة: هي دول يقول التقرير أنها تجاهلت مشاكل التمييز والمضايقة التي تتعرض لها الأقلية الدينية. وتشمل هذه المجموعة بنغلادش، مصر، جورجيا، جواتيمالا، الهند، إندونيسيا، ونيجيريا.
المجموعة الرابعة: وتشمل الدول المتهمة بوضع تشريعات وقوانين تميز بعض الأديان ضد الأخرى. وتشمل روسيا البيضاء، بروناي، أريتريا، إندونيسيا (مرة أخرى)، إسرائيل، ماليزيا، مولدوفيا، روسيا الاتحادية، وتركيا.
المجموعة الخامسة: هي المجموعة التي تطبع الأقليات الدينية بكونها أقليات خطيرة بطريقة خاطئة. وتشمل فرنسا، بلجيكا، ألمانيا.
وفي نهاية التقرير يطالب واضعوه الحكومة الأمريكية ودوائرها ومنظماتها وممثليها في الدول ذات العلاقة بالتعامل مع تلك الدول بناء على تلك المعطيات الواردة في هذا التقرير، في محاولة جديدة لربط العون الاقتصادي من جهة أو توجيه التهديد السياسي، بل حتى التعرض للأعمال العسكرية، بمدى تناغم تلك الدول مع السياسات الأمريكية، والقبول بما تفرضه الدولة الكبرى في هذا العالم وفق قيمها ونمطها تفسيرها للمفاهيم الإنسانية في الحرية والديمقراطية والتدين.