The image shows our cooperation with the online plagiarism detection service PlagScan

ملخص المقال



المقال الإفتتاحي

المبادرة العربية بين الواقع العربي والرفض الإسرائيلي

رئيس التحرير - جواد الحمد


ما إن انتهت القمة العربية في بيروت في 28/3/2002م من تبني مبادرة السلام التي أطلقها الأمير عبدالله بن عبدالعزيز قبيل انعقـاد مؤتمر القمة العربية الدوري الثاني، وإذا بالعالم يتفاجأ في اليوم التالي للمؤتمر بقيام إسرائيل بشن عدوان ساحق على مقر السلطة الوطنية الفلسطينية في مدينة رام الله وجميع مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية.

وقد جاء هذا الهجوم الإسرائيلي الشرس كما يبدو رداً على المبادرة السلمية التي تحمس لها القادة العرب، وتبناها مؤتمر القمة باعتبارها مبادرة يمكن أن تُظهر النوايا الحسنة للدول العربية، والرغبة الأكيدة لديها في تحقيق السلام في المنطقة، وخاصة بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية والتي هزت العالم، وترتب عليها أول صراع في النظام العالمي يتحدى الولايات المتحدة في عقر دارها.

لقد كانت المبادرة المعلنة واضحة ومعبرة عن رغبة تمثل إجماع الدول العربية، وتدعو إلى السلام مع إسرائيل مقابل الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلت في الخامس من حزيران عام 1967 دون الانتقاص من دعم الشعب العربي الفلسطيني في صموده وكفاحه على أرضه من أجل نيل حريته وتحقيق استقلاله، وبهذا تجاوزت المبادرة العربية كل الجزيئات والمحاولات الإسرائيلية بالدخول في تعقيدات المفاوضات والتدابير الأمنية والإجراءات المؤقتة التي تبنتها خطة تينت وتقرير ميتشل وغيرها.

ويبدو أن هذه المبادرة لم ترَقْ لرئيس الوزراء الإسرائيلي شارون وحكومته المتطرفة، إذ قرر بعد اجتماع طويل مع حكومته اجتياح الأراضي الفلسطينية، ومحاصرة مقر الرئيس الفلسطيني وفرض العزلة عليه، والإمعان في تدمير المدن والمخيمات الفلسطينية بصورة بشعة غير مسبوقة، مارست إسرائيل فيها أبشع أنواع الظلم وصنوف القسوة والتعذيب والإبادة البشرية، وحولت المدن والمخيمات الفلسطينية الى مقابر جماعية تحت بصر العالم أجمع وسمعه، وما زالت إسرائيل -على الرغم من مرور أكثر من عدة أسابيع- مستمرة في إعمالها الوحشية وأثبتت أنها دولة خارجة عن القانون.

وفي ضوء نتائج قمة بيروت 2002 ورد الفعل الإسرائيلي الذي يتسم بالحماقة والجنون وعدم المسؤولية والاستهتار لا بد من أثاره سؤالين مترابطين؛ أولهما: ما هو الموقف العربي المطلوب، بعد ما فشل العرب في إقناع إسرائيل بمبادرتهم السلمية في قمة بيروت؟ وثانيهما: لماذا ما زالت الولايات المتحدة تصر على دعم إسرائيل هذا الدعم المطلق على الرغم مما أعلنه القادة العرب من رغبة في السلام؟

إن إسرائيل لن تفلح مطلقاً في كسر إرادة الشعب الفلسطيني مهما استخدمت من صنوف القوة والتعذيب، وقد خرج الشعب الفلسطيني من محنته بإرادة وعزيمة أقوى.

عودة