الوحدة اليمنية .. نموذج عربي وحدوي في مطلع القرن 21
أضحى يوم الثاني والعشرين من مايو/أيار، من عام1990معلماً بارزاً في تاريخ اليمن، ذلك عندما أعلنت الوحدة بين "شطري" اليمن بقيام الجمهورية اليمنية.
وكانت حدود التشطير قد رسمت تبعاً لمناطق نفوذ كل من العثمانيين والبريطانيين، حيث انتهى الصراع بينهما إلى اتفاقية عام 1914 التي أسموها اتفاقية الحدود.
وفي عام 1934 تأسست في الجزء المستقل من اليمن حركة نقد التي اتخذت أسلوب النصح للإمام، ثم ما لبثت أن تحولت إلى حركة "رفض" وقد تُوّجَ ذلك بقيام ثورة 1948، وأعلان قيام الدولة الدستورية وحكم الشورى.
ثم قامت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 تتويجاً لنضال الحركة الوطنية المعاصرة شارك في تفجيرها بجانب الضباط الأحرار فئات الشعب وقطاعاته في مختلف أرجاء الوطن.
وفي يوم 22 إبريل 1990 تم التوقيع على اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية، وتنظيم الفترة الانتقالية من قبل زعيمي الشطرين، حيث دخل الشعب اليمني في ظل دولة الوحدة مرحلة جديدة من تاريخه المعاصر.
فعلى صعيد استكمال بناء الدولةتم في المجال التشريعي إجراء الاستفتاء على الدستور، وإصدار أكثر من 60 قانوناً موحداً لتنظيم الحياة السياسية والاقتصادية، كما تم اتخاذ خطوات قانونية وتنفيذية لتشكيل المؤسسات الموحدة، وعلى صعيد بناء المجتمع المدنيفقد تلازم إعلان قيام دولة الوحدة وديمقراطية التعددية السياسية، ومارست الصحافة حريتها في التعبير.
إلا أنه ما كاد يمضي شهران على قيام دولة الوحدة حتى تفجرت أزمة الخليج، وتوقف النفط الذي كانت تحصل عليه اليمن من العراق والكويت، كما توقفت المعونات الأمريكية، ودخلت البلاد في حالة التصعيد الإعلامي.
وعلى الرغم من أن جهودا مكثفة بذلت لاحتواء الأزمة، إلا أن الحرب اندلعت بين شطري اليمن، وقد كشف سير الأحداث أن انفجار الحرب كان مبعثه النزعة الانفصالية لدى بعض قيادات الحزب الاشتراكي، والرغبة الإقليمية في تغذية تلك النزعة الانفصالية.
وانتهت الحرب في يوم السابع من يوليو/ تموز 1994م ببيان لمجلس الرئاسة أعلن انتهاء جميع الأعمال العسكرية، وقد ساعد ذلك اليمن على إقامة العلاقات الحسنة مع أشقاءه العرب.
وبالخلاصة فإنَّ التفسير الوحدوي للتاريخ اليمني هو التفسير الوحيد لحركة التاريخ، كما أنَّ الإنجازات الحضارية التي شهدها إنما هي قرينة وحدة الأرض، والشعب، والحكم.
وقد كان التلازم الوثيق بين الديموقراطية والوحدة، أساس عمل لجان الوحدة، وشكّل توافر الإرادة السياسية الملتزمة بهدف الوحدة، وبالأسلوب السلمي، شرطاً أساسياً لتحقيق الوحدة، فيما شكّل توافر الوعي والحكمة لدى القيادةعاملاً مهماً لاكتمال المواءمة والتكيف العام مع البيئة الدولية.
أنَّ مرور عشر سنوات على قيام دولة الوحدة تدل على صلابة الشعب وإيمانه الراسخ بالوحدة والديموقراطية، وحريّ بالنظام العربي أن يأخذ بعين الاعتبار نموذج الوحدة اليمنية في تقييم وضعه وتصحيح مساره.