لا يرفض المجتمع الدولي حصول إيران على القدرات النووية أو الطاقة النووية السلمية، ولكنه يسعى للحصول على ضمانات قاطعة بأن لا يتحول البرنامج النووي الإيراني إلى برنامج عسكري. في المقابل ترفض إيران إعطاء هذه الضمانات من جهتها دون الحصول على مقابل مجد على الصعيد الجيو-استراتيجي والاقتصادي.
إنّ اتّجاهات الأزمة في العام 2007م مفتوحة على الخيارات كافة باعتبار أنّ عناصر الأزمة نفسها عناصر متحركة غير ثابتة، تتغير وتتقلب بشكل سريع ومفاجئ، اعتماداً على المناخات الإقليمية والدولية والتطورات التي تطرأ على أوراق كل من طهران وواشنطن, خاصة فيما يتعلق بأذرع إيران الإقليمية في منطقة الخليج العربي، والدول المجاورة، لاسيما في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين.
كما أنّ الخيارات الأمريكية المتاحة في إطار تصاعد الأزمة تظلّ مفتوحة نظرياً على الأقل على خمسة خيارات أساسية: العقوبات الاقتصادية المؤلمة، أو العمل العسكري المحدودأو الإطاحة بالنظام الإيراني، أو التعايش مع إيران نووية، أو القيام بصفقة متبادلة وذلك للتأكد من أن إيران لن تحوّل برنامجها النووي إلى برنامج عسكري، في أي منعطف سانح, وذلك مقابل الحصول على امتيازات اقتصادية وتكنولوجية، والأهم من ذلك إقليمية جيو-استراتيجية.
ويتحدث المقال عن الخيار الأخير بأنه من أكثر الخيارات الملائمة لإنهاء الأزمة الحالية، ودأب عدد من الخبراء وأصحاب القرار في البلدين بالدفع باتجاه هذا الخيار, وتناول الحديث عما تمّ كشفه مؤخراً عن وثيقة سريّة إيرانية تمّ إرسالها إلى الولايات المتّحدة عبر السفارة السويسرية في طهران، بشخص السفير "تيم غولدمان"، وبموافقة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية أواخر إبريل أوائل مايو من العام 2003م، حيث تتضمن عرضاً إيرانياً سريّاً باتجاه إنجاز "صفقة كبرى".
ويعرض المقال شروط إيران مقابل تقديمها هذه التنازلات التي وردت في الوثيقة السرية، ومنها: إنهاء السلوك العدائي للولايات المتحدة تجاه إيران، ورفع العقوبات الاقتصادية والتجارية كلياً عن إيران, واتخاذ موقف حازم ونهائي ضد من أسمتهم: "إرهابيي" حركة مجاهدي خلق المعاديين لإيران، والسماح لإيران بالوصول إلى الطاقة النووية السلمية، والأهم من كل هذه المطالب, مطلب الحصول على إقرار واعتراف أميركي بـ(شرعية المصالح الإيرانية الأمنية في المنطقة كقوة إقليمية شرعية), إضافة إلى الحصول على ضمانات بعدم التعرض لعمل عسكري.
ويعرض المقال هذا الوضع وما يكتنفه من العديد من المصاعب والمشاكل، حيث أن إيران أعطت نفسها قدراً أكبر من الوزن والقوة والمكانة الإقليمية والدولية عندما ساوت نفسها بالولايات المتحدة، والعنصر الأهم, أن المشكلة تكمن في المطلب الإيراني بإعطائها الوصاية على الخليج والاعتراف بها قوة شرعية. حيث يعني الاستجابة لمثل هذا الطلب تحويل إيران إلى قوة عالمية تسيطر على نفط العالم عبر الخليج، وتتحكم بالممرات، وعوامل القوة وتبتز الآخرين -دول المنطقة- متى تشاء, وهذا أمر مرفوض بتاتاً، حتى في السياسة الأميركية، وذلك ليكون التفاوض من موقع القوّة ولتكون المكاسب أكبر وأكثر جدوى.