عقد مركز دراسات الشرق الأوسط ندوة حول دور البحث العلمي والمجتمع المدني في الإصلاح في الوطن العربي. حيث قدّم فيها الأستاذ الدكتور حسن نافعة بالحديث حول الموضوع ثم تلاه الأستاذ الدكتور إبراهيم بدران بالتعقيب.
وقد تناول الأستاذ الدكتور حسن نافعة الحديث عن الموضوع بتوضيح مفردات مفهوم العالم العربي ومفهوم الإصلاح ومفهوم مؤسسات المجتمع المدني، ومفهوم البحث العلمي.
وحول مفهوم الإصلاح تناول نافعة ضرورة الإصلاح وترتيب الأولويات وتحديد المطلوب إصلاحه، ومن سيقوم بالإصلاح – أفراد مؤسسات فئات وطبقات من المجتمع-.
وعرض الدكتور لموضوع الحدود المنتهكة، ومشكلات التنمية، وغياب الاقتصاد القوي الذي يمكن الاعتماد عليه، وعدم الاستقرار في السياسات المختلفة والتوتر السياسي وغياب المشاركة السياسية، وبالتالي واقع بحاجة إلى إصلاح، وجدلية أن الإصلاح يبدأ من القمة أو من القاعدة؛ وهل من السياسي أو الفني؛ وكونها قضايا مثارة في العالم العربي، ولكن الجوهر في الإصلاح السياسي والتركيز عليه.
كما تناول الدكتور موضوع البحث العلمي وكونه جزءً من المشكلة وجزءً من الحل في آن. والحاجة إلى الاهتمام بالإنفاق على جانب البحث العلمي والأكاديمي.
وخلص الدكتور إلى أن المشكلة هي في عالم عربي مجزّأ وممزق لا تستطيع فيه أي دولة لوحدها، مهما بلغت قوتها أو حجمها السكاني أو مواردها المالية، أن تحقق أو تقوم بالوظائف الطبيعية بمفردها. وبالتالي يصبح الإصلاح المدخل الطبيعي والضروري للانطلاق والقيام بهذه الوظائف.
ثم عقب الأستاذ الدكتور إبراهيم بدران بالحديث عن جدلية القومية والقطرية، وأن المشكلة الأساسية هي في التقدم والتخلف.
وأكد بدران على ضرورة التركيز في التشبيك بين الأقطار العربية، ومثّل لذلك الدور الأوروبي عندما بدأ يأخذ دوراً تاريخياً حينما بدأ التشبيك يأخذ دوره.
ثم تناول الدكتور بدران موضوع الإصلاح على أنه موضوع بقاء لا موضوع اختيار، في الجانب الاقتصادي والثقافي والعلمي، والأهم أن الموضوع العربي من منظور حضاري في تراجع بسبب العجز عن القيام بالإصلاح والتهرب من الإصلاح.
وحول أي مسارات الإصلاح ينبغي البدء بين بدران أن الجسم الحضاري المعاصر آلة معقّدة لا تستطيع العمل دون أن تكون الأجزاء جميعها عاملة.
وبين الدكتور أن جدلية السؤال حول من يقوم بالإصلاح؟ لا يمكن أن تكون في شخص يريد صنع الإصلاح السياسي بنفسه وصنع الإصلاح الاقتصادي وصنع إصلاح التعليم، والإصلاح الديني وإصلاح حال المرأة، وأنه ينبغي أن يكون هناك مفهوم التقاسم والتشارك.
ووضح الدكتور بدران أن من يتحمل مسؤولية الاصلاح ست فئات يجب أن تشترك معاً: الدولة، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص بسبب دوره الاقتصادي ودوره في التأثير في القرار السياسي، والأكاديمي، وهذه مسألة بالغة الأهمية، وعادة ما تهمل في الأقطار العربية، والأحزاب السياسية، ثم الفئة السادسة وهي النخبة أو الطليعة.
ووصل الدكتور إلى أن محور الإصلاح في البلاد العربية هو الديمقراطية والفساد، وأنه لا خلاف على الإطلاق بأن موضوع الفساد والديمقراطية هو من المواضيع الأساسية، وأن محور الإصلاح في الأقطار العربية بالدخول في محاور الإصلاح كلها مرة واحدة.
وقد عقب الأستاذ جواد على الموضوع ودعا إلى وضع مقياس لموضوع الإصلاح، حيث لا يوجد مقياس عربي متفق أو غير متفق عليه في قطر ما.
وذكر أن هناك تجاذباً "حزّبياً" بين ما يسمى بالإصلاحيين، أو التيارات المستنيرة ذات الحداثة، وبين تيارات النخب الحاكمة. وأن هنالك فجوة كبيرة في الفهم المشترك أيضا، وأن البعض يرى أن الإصلاح يعني قلب الوضع الحالي، إلى وضع ليس الأشخاص أو الأحزاب القائمة جزءً منه، بمعنى الاستبعاد والتهميش.
وتناول الأستاذ جواد موضوع الفجوة بين العرب والدول المتقدمة والنسبية في النقاش بالنسبة للدول المتقدمة، وأننا كثيرا ما ننسب أنفسنا إلى دول متقدمة، كأمريكا أو ألمانيا أو اليابان مباشرة، وأن هذه المسألة بحاجة إلى إعادة النظر بشكل جدي، لأن هذه النسبة تكشف لنا حجم الفجوة الضخمة التي نعيشها اليوم بين ما نحن عليه، وما عليه الآخرون، ولكنها لا تُرينا الزاوية الأخرى لحجم الفجوة، التي ردمناها، بين ما كنا عليه وما نحن عليه اليوم.
كما تناول الأستاذ جواد أهمية وجود تحول وتقدم وتغير في الوطن العربي على المستوى التكنولوجي والتعليمي، والإصلاح السياسي، والإصلاح الاجتماعي، والانفتاح على العالم، والتعددية السياسية والاجتماعية، وعلى مستوى التحول من عقلية الانغلاق القبلي ‑نسبيا‑ إلى مستوى الانفتاح على مستوى العالم، وتقبل التعاطي مع الآخرين. وأنه لا بد من أخذها بعين الاعتبار لنتمكن من بناء نظرية الإصلاح المعقولة والواقعية والعملية،كما أن التخوّفات منها قليلة، من قبل قوى معينة في المجتمع، لها مكتسبات قائمة اليوم. إضافة إلى أنها تتعاطى مع الواقع، وتستفيد من واقع الآخرين.